***العدو خلف السراب***
تزيد المسافات بيني وبينك
تخبو الملامح شيئا.. فشيئا
وتغدو مع البعد بعض الظلال
وبعض لأتذكر.. بعض الشجن
ويغدو اللقاء بقايا من الضوء
تبدو قليلا.. وتخبو قليلا..
وتصغر في العين
تسقط في الأفق
ترحل كالعطر
تغدو خطوطا بوجه الزمن..
فماذا سنحكي..
وكل الملامح صارت ظلالا
وكل الذي"كان" أضحى خيالا
وأصبحت أنت الزمان البعيد
أعود إليه.. فيبدو محالا
تزيد المسافات بيني وبينك يخبو البريق
ويحملني الشوق ألقي بنفسي على شاطئيك
فأرجع منك.. وبعضي حريق..
وأسأل نفسي على أي درب سألقاك يوما
وقد صار وجهك في كل درب يطوف بعيني
طريق أشد الرحال إليه.. فيهرب مني
طريق أعود غريبا عليه.. فيسأل عني..
طريق يداعبني من بعيد
فأجري إليه ويصرخ.. دعني..
على أي درب سألقاك يوما
وفي أي درب ستصرخ حزنا دماء البريء..
فأنت الزمان الذي قد يجيء
وأنت الزمان الذي لن يجيء
وأنت الصباح الذي ضاع في العين
بين الرحيل.. وبين المجيء
فحينا يسافر.. حينا يغامر
ويسقط عمري بين الرحيل.. وبين المجيء..
* * *
تزيد المسافات بيني وبينك أسكن عينيك
أبني جدارا من الحلم حولك
أحميك من يأس حلمي
وأبني قصورا على شاطئيك
لأنا نعيش زمانا كئيبا
أخبئ حلمي في مقلتيك
لأنا سقطنا على الدرب خوفا
وبعثرنا العمر خلف الفضاء
وصرنا رياحا.. و ظلا.. وعطرا
وصرنا سحابا.. يطوف السماء
وصرنا دموعا على كل عين
وفي كل جرح غدونا دماء
فكنا الخطيئة كنا الهداية
كنا مع اليأس.. بعض الرجاء..
* * *
وتبقى المسافات بيني وبينك سدا يبعثر أحلامنا..
لأنا نسير على غير درب
ونمشي وندرك أن الخطا قد تهاوت
وأن الطريق يجافي القدم
فما عاد في الدرب غير الألم..
فهل من زمان.. يعيد الطريق لأقدامنا
وهل من زمان يلملم بالصبح أشلاؤنا
تعبنا من العدو خلف السراب
وذقنا زمانا بأحزانا
ونمضي مع العمر حلما طويلا
وتغدو المسافات هما ثقيلا
ومازلت أمضي و أمضي إليك
وإن كان عمري يبدو قليلا